حنان أبو الضياء
يبدو أنه كُتب علينا الرجوع إلى السينما العالمية لتفسير ما يقع فى العالم من أحداث غير مفهوم دوافعها، خصوصًا أن ظاهر الحدث غالبًا لا يعبر عن باطنه وحقيقته، وهذا بكل تأكيد ينطبق على المأساة السريلانكية خلال الأيام الماضية.
شاهدت منذ 4 سنوات فيلم “ديبانDheepan” للمخرج جاك أوديار، وهو عمل يشير إلى التكوينة الأثنية الغريبة للمجتمع السريلانكى.
فيلم “ديبان” الحاصل على السعفة الذهبية فى مهرجان “كان”، يدور حول ديبان المحارب التاميلى، المدافع عن استقلال التاميل فى سريلاتكا، ويقرر الهرب من بلاده التى يسودها العنف والانهزام مع امرأة ليست امرأته، وطفلة ليست طفلته، إلى باريس على أمل بناء حياة أفضل.
فى العاصمة الفرنسية، ينتقلون من دار استقبال إلى أخرى، إلى أن يصبح ديبان حارس بناية، لكن رداءة وضعه وبيته تجبره على الكفاح أكثر فأكثر لتحقيق الحياة الجديدة التى يحلم بها.
من المعروف أنه لتنفيذ هذا الفيلم، لجأ أوديار إلى ممثلين تاميل من غير المحترفين، واستمد سيناريو الفيلم من رواية رسائل فارسية لمونتسكيو التى كتبها عام 1721.
وفى هذه الرواية الشهيرة للفيلسوف مونتسكيو، فإن فرنسا تُصبح هنا مثل سريلانكا، أو أى مكان آخر مجنون، تُثار فيه أسباب الموت لأتفه الدوافع البشرية على الإطلاق، ربما هذا يربط ما حدث فى نوتردام، مؤخرًا، وأحداث سريلانكا!
من المعروف أنه ليس لسريلانكا تاريخ مع الجماعات الدينية المسلحة، وما يحدث الأن مقصود به تشويه صورة المسلمين فى البلاد، وإشعال النار مع المسيحيين.
منذ عام 1985، تضرر المسلمون فى مقاطعات الشمال الشرقى بالحرب الضروس، وأصبحوا ضحاياها وهم أبرياء، أمام المتمرِدين التاميليين، وأمام القوات الهندوسية.
ويعلم الجميع أن المسلمين تعرضوا للنهب والسلب بشكل منظم ومخطَّط من قبل التاميل، بالإضافة إلى إحْراق أعداد كبيرة من محلاتهم التجارية إبان الحادثة الشهيرة فى 1985، التى راح ضحيتها 50 شخصًا، بل ومنعوا التجار المسلمين الممتلكين محلات تجارية فى المناطق ذات الأغلبية الهندوسية من الذَّهاب إليها والتجارة بها.
ويشار، دائمًا، إلى الدور الذى لعبه “الموساد” ووكلاء “شنبت”، بالتعاون مع “راو” الهندية، و”ساس” البريطانية، فى تلك الحادثة بالذات، التى انتهت بتوتر العلاقات التى كانت تسود بين المسلمين والتاميل، وما يحدث الآن بالتأكيد لتلك الجهات دور فيه.
وما حدث للكنائس الآن مشابه لمذبحة مسجد “كاتانكدى”، حيث قام الإرهابيون بإطلاق الرَّصاص على المسلمين، الَّذين كانوا فى سجداتِهم الثَّانية فى صلاة العشاء فى مسجد مدينة “كاتانكدى” المسلِمة، والَّتى تُعد أكبر مدينة مسلمة فى المنطقة الشرقية، كما قاموا بقتل عددٍ آخر من المسلمين المصلين فى مسجد آخر، وبلغ مجموع ضحايا هذه المذبحة الشنيعة 167 شخصًا.
وهناك أيضًا الهجوم على الجامع الأكبر فى قرية “أكريبتو” بقنابل يدوية وأسلحة أوتوماتيكية، حينما كان المسلمون يؤدون صلاة العشاء.
وأخيرًا، علينا أن نعلم جميعًا أن المحرك الأول والأخير لمثل تلك الأعمال هم من يريدون إشعال العالم فى حروب أثنية مستمرة لا تعرف التوقف، ولعل السينما التى يسيطر عليها اليهود أنفسهم تفسر فى يدور فى خلدهم وعقلهم.
ربما حان الوقت لنرى ما تقدم السينما على أنه رسائل موقوتة تفسر الكثير.
المصدر: مبتدأ