عبدالله السفر
كان مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، خلال الفترة (21 – 26 مارس 2019)، منصّةً عاليةً تخطف القلوبَ والأنظار. يفد إلى هناك الآلاف يوميًّا لمتابعة «مهرجان أفلام السعودية» في دورته الخامسة، وكما تعودنا من إدارة المهرجان، سنويًّا، التطوير والإضافة ومدّ الأفق إلى أقصى ما تستطيعه الظروف والترتيبات.
أيامٌ ستة احتشدت بالجمهور وبالمهتمين، وبصنّاع الأفلام من جميع أنحاء المملكة. تكريم شخصيات وفرجة وعروض وكتب جديدة، ومشاركات واكتشاف مساحات جديدة في العمل السينمائي عبر الورش والندوات التي زادت على العشرين (إحدى عشرة ورشة عمل، عشر ندوات). كما أنّ عينَ المهرجان امتدَّت لاحتضان السينما الخليجية، عروضًا وندوات، طوال أيام المهرجان. وإحدى الشخصيات المكرمة في هذه الدورة من الإمارات العربية المتحدة؛ مسعود أمر الله، وواكبَ هذا التكريم إصدار كتاب عنه.
وبالتزامن، كانت العروض السينمائية في ثلاث قاعات من الرابعة مساءً وحتى العاشرة. ست ساعات ما بين قاعات: «المسرح»؛ «السينما»؛ «معرض الطاقة»؛ «واحة الثقافة».. بتزامنٍ يضع الخيارات أمام الزائر (خيارات صعبة، أحيانًا) ومعه أطفاله – للأطفال 25 فيلمًا من أفلام الأطفال العالمية – ليشاهد أول مرة أو يلحق ما فاته، وهذه الأوقات الزاخرة بالعروض يتقاطع معها الندوات وورش العمل، بما يصنع من «المهرجان» و«إثراء» خليّة عملٍ هائلة تضجّ بالطموح، ومعانقة الأحلام أو بتعبير أحمد الملا مدير المهرجان في دوراته الخمس، متحدّثًا عن «أحلامٍ تتحقّق»: (كم رأيناها تلوح من بعيد، وكم تمنينا قليلَها. ها هي تتحقّق بصيغة الحاضر ووعد المستقبل).
أحسب أن هذا المهرجان أطلقَ شرارة «الأفلام الطويلة» – لتصبح هي الأساس وتأخذ مكان «الأفلام القصيرة» -.. نحو سينما ذات طابع جماهيري وتجاري، وذلك بتخصيص ليلة الافتتاح بفيلم «المسافة صفر» (تمثيل: خالد صقر، يعقوب الفرحان، إبراهيم الحساوي. إخراج: عبدالعزيز السلاحي) والذي تُوّج بالنخلة الذهبية كأفضل فيلم روائي في مسابقات المهرجان. هذا التوجّه الجديد لن ينجح بالنيّات الحسنة ولا بالعمل الارتجالي ولا بعفو الخاطر وما تجود به مباغتات ساعاتِ الإنجاز.
لا بدّ من كوادر مؤهّلة، وأعني هنا وبشكل مباشر «كتّاب السيناريو»؛ الهيكل الأساسي لإنشاء الفيلم. دون هذا العامل الرئيس سيظلّ الفيلم في السعودية، بإجمال، في مدار الإنجاز التقني فقط ولكنه يعاني من هشاشةٍ بنائية تعرقل خطواته الحثيثة ليضاهيَ، وليتقدّم.
المصدر: مجلة اليمامة