سوليوود «وكالات»
يأخذ الفنانان مارجريت كوالي، وأنتوني ماكي، المشاهدينَ إلى نهاية العالم في فيلم IO، المنتج عام 2019 للمخرج الفرنسي جونثان هيلبرت، الذي يشد المشاهدينَ لترحال يدعو إلى الذهاب بعيدًا مع الحراك الدرامي، وذلك كما ورد في إرم نيوز.
وتتناول أحداث الفيلم قصة آخر فتاة متبقية على سطح كوكب الأرض، بعد أن هجره من استطاع الهروب منه إلى كواكب أخرى، وموت من آثر البقاء فيه.
ويروي الفيلم كيف تلوث كوكب الأرض وامتلأ بالغازات السامة بفعل ممارسات الإنسان الخاطئة في التعامل مع موارده؛ ما أدى إلى استحالة العيش فيه.
وتحاول الفتاة التعايش مع الواقع الجديد، من خلال إنشاء خيمة بلاستيكية تهيئ بوساطتها الأجواء الملائمة لحياة الأشياء من حولها، مثل النباتات وبعض المأكولات التي تضمن لها البقاء على قيد الحياة، لكن فجأة يأتيها آخر رجل من الكوكب الأرضي، وقد ماتت زوجته أمام عينيه، بسبب نفاد الطعام، كما شاهد الكثيرين يموتون أمام عينيه بسبب ذلك.
ويحاول الرجل إقناعها بالهروب معه إلى كوكب آخر، من خلال ”سفينة الخروج“ الفضائية، فتوافقه الرأي بعد توصلها إلى قناعة الفشل في خلق بيئة مناسبة لتكاثر النحل من جديد، لكنها تعدل عن قرارها عندما حان وقت الإقلاع، وتستجيب لها الظروف أخيرًا، لتبدأ الحياة رحلتها مرة أخرى.
ويتميز الفيلم بكل الأدوات المطلوبة لإحداث لحظة التشويق، فما يقوم به المخرج من استجلاب تدفق شعوري عند المشاهد، وكأنه على استعداد تام طوال توالي أحداث الفيلم، لتلقي مفاجأة.
والفيلم يأتي ليناقش فكرة إعادة صنع العالم بعد انتهاء دورته الحالية، بفعل بقاء امرأة ورجل، وطفل يأتي أخيرًا، لربما هو نتيجة تزاوجهما، وهي تأويلات الختام، التي تحتاج لخيال خصب، يتوق إلى الاكتشافية.
وينجح سيناريو الفيلم في تشكيل مناعة حول ذاته؛ فلم يسقط في فخ التكرار، وقدم عتبات صعودية لبيئة من الإثارة، محققًا الأدوات والشروط اللازمة لإتقان الفعل الدرامي.
وليس سهلًا أن يتم تأخير نقطة الانقلاب في العمل الدرامي، إلى نهاية العمل، إلا في حضور تصعيد مستمر للأحداث إلى نقاط القبة الحسية، وذلك بفضل ما استمر السيناريو في الحفاظ عليه من تبيان أمر الفتاة ومشكلتها، لمراحل متقدمة من الحوار، محدثًا حالة من الغموض، من الصعب الانفكاك عنها، كما أن سلاسة التجريبية في الخيال العلمي كانت داعمة لأسلوبية السيناريو، فلم يكن فيها تكلّف يدعو إلى الملل.
كما أن معرفية السيناريو كانت واضحة، بما احتواه من فكرة العلم عن نشأة العالم، وعن النهاية أيضًا، وبدمجه إفادة الأسطورة الإغريقية حول انفصال الكائن الحي إلى نصفين؛ بفعل عقاب إلهي، جعله دائمًا يبحث عن مكمله من الجنس الآخر لنيل لحظة الأمان.
والمشاهد التصويرية في الفيلم كانت غاية في البساطة، بتلميحية مختصرة، تسهم في إعمال عقل المتلقي؛ للخوض في أبعاد معرفية.
وقد كان للمؤثر الصوتي حضور عاكس؛ لخطورة اللحظة التي تحياها البطلة، مسببًا القلق في الكثير من المواطن، كما في افتتاحية الفيلم حيث صوت الماء المنسكب من صنابير مكسرة بفعل هجر طويل للأماكن، وصوت الريح، وامتداد العاصفة، وتارة أخرى بعث المؤثر الصوتي الراحة، لحظة تشغيل الموسيقى وسط كل تلك التحديات، والجلوس للتأمل.
ولقد استطاع بطلا الفيلم، مارجريت كوالي الفتاة البيضاء اللون ذات العيون الخضراء و أنتوني ماكي الأسمر اللون، أن يقدما انفعالات حسية، ساعدت في تطوير مشروعية الفيلم، فما قدماه من حركات ونظرات وتفاعل وإيماءات ساهم في استحضار لحظات نهاية العالم، بما فيها من شحنة القلق، ما أظهر قدرتهما التمثيلية، ولعلها لم تكن مصادفة، أن ينشأ عالم جديد نصف جيناته لرجل أسمر، والنصف الآخر لامرأة بيضاء، عالم لا وجود فيه لتصنيفات حسب اللون أو العرق.