سوليوود «وكالات»
قضايا التفرقة العنصرية والتمييز ضد السود والاستعمار الأجنبى والعادات القبلية السيئة، والثقافات الأفريقية، كل هذه القضايا البائسة اختلطت سويًا لتصنع سينما من قلب الأحداث الواقعة فى أفريقيا، ولأنها كانت مرآة حقيقة للمجتمع، استطاعت الدفاع عنه، والتعبير عن الجمال بداخله، ولفت الأنظار إلى قضايا شعوب القارة السمراء أجمع، نجحت فى سحب البساط من تحت أقدام السينما الأمريكية، واحتلت “نوليوود” المركز الثانى كأكبر سينما فى العالم، وفقًا لتقارير”اليونسكو” بل وأصبحت مصدرًا مهمًا فى اقتصاد عملاق أفريقيا بعد النفط والزراعة. وذلك كما ورد دوت الخليج.
فمن قلب نيجيريا التى تعج بإرهاب جماعة بوكو حرام، وبإنتاج تكنولوجى منخفض وباستخدام كاميرا رقمية قليلة القيمة، تحرر الشاب “كينيث نيباو” من قرارات التليفزيون الوطنى الذى أعلن عام 1990 وقف إنتاج أى محتوى فنى وإعلامى، بسبب الأزمة الاقتصادية، ودمج موهبته، مع خبرته التى اكتسبها طوال سنوات عمله بالتليفزيون ليقدّم للجمهور فيلمه الأول «living in bondage» الذى لم يكن يعلم أنه سيكون انطلاقا لصناعة ضخمة للأفلام السينمائية، تنتج نحو 2500 فيلم سنويًا، وتضخ نحو 3 مليارات دولار.
وتعددت الموضوعات داخل محتوى الفيلم النيجيرى الأفريقى، لتتحدث عن الفقر والمجاعة والفساد والتغييرات التى تحدث فى المجتمع، والوضع الاقتصادى للقارة السمراء، وما تملكه من موارد طبيعية وثروات تحتاج لاستغلالها بأيدى أبناءها، وأصبحت السينما الأفريقية المساهم الأكبر فى تشجيع السياحة، ومن ثم النهوض بالاقتصاد، فأصبح لسينما نوليوود دور لا يمكن لأحد إنكاره، متمثل فى إبراز الجانب الإنسانى للقارة السمراء، وأصبحت هى الصوت الحقيقى الذى تخاطب أفريقيا من خلاله العالم.
تمتلك نيجيريا التى يزيد تعداد سكانها 190 مليون نسمة، 20 دار سينما، وعلى الرغم من قلة أعداد الدور السينمائية، إلا أن أعداد مهولة من الأفلام تنتجها نيجيريا سنويًا تزيد عن 2500 فيلم، تطبع على أسطوانات ثم تباع لتعرض فى المنازل، وينتشر موزعوها فى كل أنحاء البلاد، لتساهم فى الناتج المحلى للبلاد بما يساوى 1.5% وفقًا للإحصائيات الرسمية.
وعلى الرغم من قلة تكلفة الإنتاج لأفلام “نوليوود” إلا أنها نجحت فى نشر ثقافتها ليس فقط فى أفريقيا وإنما فى العالم كله، بسبب اللغة الإنجليزية التى يتم تداولها فى أنحاء العالم كله، ووصلت بأفلامها إلى السوق الأوروبية والأمريكية، وحصدت الكثير من الجوائز العالمية، وكل ذلك تم على مدار عقدين فقط، وأصبح يعمل بالقطاع نحو مليون شخص، مما أدى إلى دعم الحكومة النيجيرية لهذه الصناعة، فأصدر الرئيس النيجيرى السابق جوناثان جودلاك عام 2011 قرارًا بإنشاء صندوق لدعم “نوليوود” بحجم 200 مليون دولار، وفى مارس 2013 أعلن عن منحة قدرها 17 مليون دولار لتدريب وتنمية مهارات القائمين على هذه الصناعة.
وانطلقت المهرجانات التى تناقش قضايا القارة فى أفلام نوليوود، تتوالى واحدًا بعد الآخر، مستضيفًا نجوم عالميين من كافة أنحاء الدول منها مهرجان “أبوجا” والذى انطلق عام 2010، ومهرجان “زوما فيلم” والذى يقام كل عامين، تعلن فيه جوائز الأفضلية للممثلين والممثلات، والأفكار المقام عليها السيناريوهات، وتنطلق بأفلام مشتركة مع هوليوود التى شاركت ممثليها الأمريكان فيلم “دكتور بيلو” لمناقشة قضية مهمة فى القارة الأفريقية وهو اللجوء إلى السحر والشعوذة بديلًا عن الطب فى كثير من الأوقات.
وتحاول السينما النيجيرية، كما هو حال باقى السينما العالمية، تخطى مشكلات قلة دور العرض السينمائية، وأزمة قرصنة الأسطوانات المدمجة التى تقوم بطباعة الأفلام عليها وتوزيعها حول العالم، لذلك فهى تعتمد على مراقبة المحلات التى تبيع هذه الأعمال.