سوليوود ( القاهرة )
بدأت المحاولات السينمائية الجادة في مصر لتقديم أبطال جدد إلى شاشاتها بعيدا عن الوجوه المألوفة، تحقّق نجاحا ملحوظا بعد أن تخلى الكثير من المنتجين عن رهاب التعامل مع نجوم التلفزيون، وامتلكوا شجاعة تقديمهم في أعمال كبيرة ذات ميزانيات ضخمة لثقتهم في الرهان على قدرتهم لجذب الجماهير من خلال أفلام تحمل روحا وأداء وفنا مختلفا كما ذكر موقع العرب.
جاءت تجربة الفنان أمير كرارة في فيلمه “حرب كرموز”، والذي تخطت إيراداته في موسم عيد الفطر الخمسين مليون جنيه (3 ملايين دولار)، مشجعة لمنتجي الأفلام للاستعانة بنجوم آخرين من الدراما لتجسيد أعمال سينمائية عملاقة، ودخل هذا المجال الكثير من الفنانين الذين كانت بداياتهم درامية.
وستكون بدايتها مع انطلاق موسم عيد الأضحى في الفترة المقبلة، والتي غالبا ما تسود في المواسم السينمائية التالية، ومن هنا سوف تنتهي بلا رجعة فكرة تصنيف الممثلين، لنجوم سينما وآخرين لتلفزيون، فالتداخل الحاصل يذيب الفجوة ويجعل جميع الفنانين والفنانات على سواء، بلا تصنيفات اختلقها البعض في أوقات سابقة، لأسباب ليست لها علاقة بالفن وسبل تطويره ورسالته في المجتمع.
وعمد البعض من المنتجين خلال فترة إلى تقسيم الممثلين بين مختصين في السينما وآخرين بارعين في الدراما، بزعم أن لكل ممثل طاقة خاصة وأسلوبا مميزا لا يجب استهلاكهما وتشتيتهما بين نوعين مختلفين من الفنون.
وباتت الاستعانة بنجوم الصف الأول في الدراما المصرية الآن حلا لخروج السينما من كبوتها، واستعادة عرشها الغائب، بعد أن تزايدت النفقات المادية التي تتطلبها الاستعانة بنجم سينمائي كبير، وبعد أن تقلص عدد النجوم الذين يدخلون السينما مباشرة دون مرور على بوابة الدراما.
وظل الكثير من الممثلين مقبورين في أدوار بعينها نتيجة التقسيم الفني، وأبرزهم الفنان يحيى الفخراني ويسرا، ولم يجدا حاليا المساحة الكافية للعودة إلى السينما، في المقابل سنحت لهما الكثير من الأعمال الدرامية بتقديم مسلسلات بشكل دوري كل عام.
ويرى النقاد أن التصنيف فكرة شديدة الإجحاف لقيمة الفن والفنانين، وخالية من المنطق، لأن الجمهور هو صاحب التصنيف الحقيقي المبني على جودة العمل نفسه من القصة والسيناريو المحكم والأحداث والشخصيات، كما أن تصنيف الممثلين لا يجب أن يخضع لنوع العمل المقدّم، لكن يعتمد على درجة احتراف الممثل وجودة الأداء.
يبدو التقسيم المجحف ظالما للكثير من النجوم الذين غاب حضورهم في الكثير من الأعمال بسبب تصنيفات نمطية وغير منطقية، ما فرض على بعض المنتجين السعي إلى هدمها مؤخرا من خلال فتح الباب على مصراعيه أمام الجميع للعمل في مجالين متوازيين.
وأبرز الأسماء التي ظلت محصورة في الدراما لسنوات، يوسف الشريف، الممثل الذي تحوّل إلى حالة فنية ذات سطوة جماهيرية كبيرة بفضل مسلسلاته ذات الطابع الغامض، والتي يتابعها الملايين من المشاهدين بشغف مثل “كفر دلهاب” و”الصياد” و”رقم مجهول” و”القيصر”. وأضحى الشريف على موعد مع العودة إلى عالم السينما مرة أخرى من بوابة فيلمه الجديد “بني آدم” لتقديم الحالة ذاتها التي صنعها في الدراما بتركيبة حركية فريدة مليئة بالإثارة والتشويق.
وظهر الجانب التشويقي واضحا من البداية بعدما رفض صانعو الفيلم تسريب قصة العمل أو الأحداث التي يدور حولها، ما أضاف المزيد من الإثارة، وتشارك الشريف البطولة مجموعة من الممثلين أبرزهم دينا الشربيني ومحمود الجندي ومحمود حجازي. وفي السياق ذاته، يعود عمرو عبدالجليل إلى السينما بعد سنوات طويلة قضاها في عالم الدراما من خلال فيلم “سوق الجمعة” والمقرر عرضه في عيد الأضحى القادم.
وتدور أحداث العمل في إطار اجتماعي يرصد حياة وأوضاع الباعة البسطاء في سوق الجمعة، وهو واحد من أكبر الأسواق الشعبية في مصر، وسوف يواصل فيه عبدالجليل حالة الوهج الفني التي يعيشها منذ عرض دوره الاستثنائي في مسلسل “طايع” في الموسم الرمضاني الماضي، وهو الآن يتابع عددا من المخطوطات لأفلام جديدة.
ويجسد عبدالجليل شخصية بائع بسيط يكافح من أجل استمرار الحياة رغم ضغوط الفقر المدقع، ويحمل العمل منظور غياب العدالة الاجتماعية بصورة تمتزج داخلها الكوميديا السوداء والتراجيديا، ما يبشر بأننا أمام عمل ثقيل فنيا للمخرج سامح عبدالعزيز والمؤلف محمد الطحاوي، ويشارك في بطولاته محمد لطفي ودلال عبدالعزيز ومجموعة من الوجوه الشابة.
أما طارق لطفي فقد ظل لسنوات طويلة أسيرا للأدوار الثانية في المسلسلات حتى واتته فرصة لاعتلاء دور البطولة في مسلسل “شهادة ميلاد” قبل عامين ثم “بين عالمين” العام الماضي، وهما عملان أثبت لطفي من خلالهما قدرته على التصدي بمفرده لبطولة أعمال كبيرة ضخمة الإنتاج، ما شجع الشركة العراقية المنتجة لفيلمه الأخير “122” على منحه دور البطولة في أول فيلم مصري بنظام “4Dx.”. ويعد هذا النظام من أحدث الأنظمة التقنية السينمائية المستخدمة عالميا، ومن خلاله يقدّم الفيلم مغامرات ومطاردات دموية لطبيب وزوجته المريضة، ليس لدخول المستشفى وإنقاذ حياتها، بل لخروجهما منها حفاظا على حياتهما المهدّدة.
ويحمل الفيلم رؤية جديدة على السينما المصرية، لأنها تعتمد على النمط الأميركي في أفلام الرعب والإثارة المليئة بالغموض، وتشارك في العمل أمينة خليل وأحمد داود ومحمود حجازي وأحمد الفيشاوي ومحمد ممدوح ومحمد لطفي، علاوة على فيلم “البدلة” الذي يقوم ببطولته المطرب تامر حسني والفنان الكوميدي أكرم حسني، والذي يؤكد اكتساب تامر لأرض فنية جديدة، ويرسخ أقدام أكرم القادم من عالم البرامج الساخرة إلى الدراما ومنها إلى السينما.
كل هذه النماذج تشير إلى محاولة استثمار الوهج الذي يظهر عليه البعض، لكنها ليست دليلا على زخم مقبل للسينما المصرية، لأن مشكلتها تتجاوز انتقال ممثل أو فنانة من الدراما إلى التلفزيون، فهي بحاجة إلى خطة عاجلة تنقذها من عثراتها المتراكمة.