سوليوود (وكالات)
منذ أمد بعيد يضرب في عمق التاريخ قبل الميلاد، أولت «النواعم» عناية فائقة بجمالهن، وبخاصة وجوههن، مستخدمات المتاح من الأصباغ في المواد البدائية في بيئتهن والغاية زينة تأخذ الألباب، وجمال يفتن الرجال، وأنوثة محروسة بالعناية.. هكذا كان حال النساء في حضارة سومر القديمة في بلاد الرافدين، فهن أول من استعمل مستحضرات التجميل قبل (5) ألف سنة، حين كسرن الأحجار الكريمة وصنعن منها أصباغًا لتجميل الوجه وبخاصة ما بين العينين، وتبعتها المرأة المصرية فكانت أول من استعمل الكحل، والغاية لم تكن التجميل فحسب؛ بل «طرد قوى الشر»، ثم معالجة التجاعيد، أما المرأة الصينية فكانت أول من استعمل طلاء الأظافر قبل (3) آلاف سنة، فاستخدم في ذلك الصمغ والجلاتين وشمع العسل والبيض، ثم شاركن اليابانيات في استخدام مساحيق الأرز بحثًا عن وجوهٍ أكثر بياضًا، وينبؤك التاريخ أن اليونانيات كنَّ أول استعمل الطباشير و الرصاص كبودرة للوجه، قبل ألف سنة من الميلاد، بالإضافة إلى طين أكسيد الرصاص والحديد الأحمر لإكساب الشفاه لونها الأحمر الجاذب.. وهكذا كانت المرأة في كل عصر تقترح جديدًا.أما في القرن الواحد والعشرين فقد انتشر التجميل بشكل كبير حتى أصبح شيئًا أساسيًا لا يمكن للنساء الاستغناء عنه، وعملاً تجاريًا يحظى بالعروض الوظيفية والمادية، والاهتمام الكبير من قبل منتجي الأفلام والمسلسلات، وأصبح يعرف بفن «الميك أب».. وصار علمًا يدرس، وفنًّا مهمًا في حياة المرأة العصرية.. وبرعت في أدائه خبيرات، ومن بين هؤلاء الخبيرات في فن التجميل لينا نزار الحكيم، التي من براعتها قد حظيت بإشادة نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز أثناء مؤتمر «شغف» الذي أقيم مؤخرًا في مكة.
«لينا» في العقد الثاني من عمرها.. مارست هواية «تأثيرات خاصة Special effects makeup « من خلال مشاهدة أفلام الرعب والزومبي حتى أصابها الفضول في كيفية عمل «الميك أب» في الأفلام، فبدأت بالقراءة، وتعمقت فيها وبدأت بالبحث عنها، حتى أحبتها ومارستها بكل احترافية..
الميك أب السينمائي
«لينا» روت لـ»المدينة» تجربتها مع هذا الفن، مستهلة بقولها: أولاً أنا أتقن الميك أب البيوتي والميك أب السينمائي، وعندما فكرت كثيرًا أيهما أكثر أهمية وعمق معرفي، وجدت أن الميك أب البيوتي موجود في كل مكان وأصبح أرتست ميك أب بيوتي، في المقابل وجدت الميك أب السينمائي خصوصًا في السعودية غير موجود بكثرة، أو نادرًا ما تجده، وهذا بحكم عدم احتياجنا له، فقررت الإبحار فيه لأنه أولاً غريب، وثانيًا ليس موجودًا لدينا، ثالثًا يشد الانتباه كثيرًا، والناس أصبحت أبدي إعجابي فيه.
مكسب وطموح
وتتابع «لينا» حديثها مضيفة: تلقيت دعمًا معنويا وماديًا من جميع أفراد عائلتي وخصوصًا من والديَّ اللذين لم يبخلا عليَّ بشيء، كما أنني استفدت كثيرًا من ممارسة هذه الهواية، فالناس أصبحت شغوفة فيه، وتبدي إعجابها بكل ما أعمله من خلال تعليقاتهم، بالإضافة إلى أنه مكسب مالي كبير بحكم أن أي مسلسل أو فيلم يحتاجون إلى استخدام المكياج السينمائي، كما أنه وبعد افتتاح السينما سوف يأخذ المكياج السينمائي حيزًا كبيرًا، لذلك أفكر جليًا في إظهار هذا الفن للناس بشكل أكبر، وبعد ذلك سوف أقبل المشاركة في جميع الأعمال الخاصة، فطموحي الدخول إلى هوليوود بأعمالي، لأكون أول سعودية تشغل وطنها بهذا الفن الغريب.
الإبداع أولاً
وعن سبب الدخول في هذا المجال خصوصًا وأنه غريب وربما يكون غير ربحي في البداية، أضافت: الربح بالنسبة لي ليس أساسيًا، فأنا عملت على نفسي قرابة السنتين والنصف حتى أخرج للناس بالشكل المقبول، ولم أقبل أي عمل لأني أحب أن أبدع قبل الحصول على المقابل المادي، والآن بحكم أني طالبة جامعية فليست جميع الأعمال تناسبني، بحكم ضغط الوقت، إلى جانب ذلك فإنه لم يكن من اهتماماتي الحصول على المادة، خصوصًا في الوقت الراهن، وللمعلومية فإن هناك الكثير من العروض التي قدمت لي من القطاعات الخاصة، لكني لم اتخذ القرار النهائي حتى الآن.
قدرات وشروط
وتستطرد لينا عن طبيعة عملها في فن الميك أب والبيئة المناســـبة لها بقولهـــــا: الميك أب السينمائي له فروع كثيرة غير الجروح والزومبي، فأنا اســــتطيع أن أحــــوِّل شــــابًا في العشرين من عمره إلى عجـــوز يبلغ الستين عامًا، كما أنني قمت بجعل شخص بكامل صحته وعافيته إلى شخص مصاب بجميع الأمــراض، وكل هذا من خلال الميك أب، فقط أحتــاج مكان منعزل أثناء قيامي بعمل الميك أب بدون ازعاج حتى لا ينقطع العمل ولا تتوقف بســبب أحــد، وبشرط وجود كامل الأدوات فإذا توف ذلك أســـتطيع إنجـــاز عــملي في أي مكان حتى في لو كان السيارة.
نظرة المجتمع
وتختم لينا حديثهــــا حول نظــــرة المجتمع لممارســـة الفتاة الســــعودية لهذا الفن الغريب، قائلة: نظرة المجتــمع السعودي اختلفت كثيرًا، وأصبحت الفتــاة تهتــم بهوايتهـــا بكامل حريتها مراعية بذلك الأنظمة والقوانين، فالحمدلله اليوم أصبحت الفتاة تقوم بعملها بكل أريحية، مما أدى إلى تبديل أفكار المجتمع وحصولهم على ثقافة جيدة فالتغير في المملكة أصبح إيجابيًا للغاية.