د. سعود المريشد
دشنت الأسبوع الماضي أول دار عرض للسينما في الرياض بعد انقطاع دام قرابة 35 سنة، منذ أن كانت مسموحا بها في مقرات الأندية الرياضية في حي الناصرية، بل وكانت أحد المناشط في المدارس الحكومية كوسيلة من الوسائل المساندة للعملية التعليمية، بجانب المسرح والمناشط الثقافية المدرسية المتنوعة، حفل تدشين أول دار للعرض السينمائي لشركة (AMC)، تلاه منح رخصة التشغيل الثانية لشركة (VOX)، حيث تشير التوقعات أنه سيتم خلال الخمس سنوات القادمة افتتاح 40 مجمعا سينمائيا ضمن خطة تتضمن إنشاء 350 دار عرض بأكثر من 2500 شاشة، مما سيسهم في خلق سوق محلية يتوقع اقتصاديا أن تتجاوز مبيعاتها السنوية ما يقارب مليار دولار سنويا.
السينما صناعة مؤثرة ساهمت عبر قالب ترفيهي في بناء محتوى سينمائي قانوني له دور رئيس في تشكل ثقافة ووعي المجتمعات وتحضر ممارساتهم وارتقاء سلوكياتهم وسلامة تعاملاتهم وصحة تصرفاتهم نتيجة الوعي القانوني بثقافة الحقوق، تلك هي كلمات أحد أستاذة القانون في جامعة (مينيسوتا) أثناء دراستي لماجستير القانون في منتصف التسعينات في نقاش معه حول اختلاف الثقافات ودورها في تشكل وعي المجتمعات، فهو يرى أن طالب القانون الأميركي يأتي للدراسة بكلية القانون ولديه رصيد مناسب من الوعي والمعرفة بالمبادئ القانونية الأساسية والتي يحتاجها الطالب المستجد للانطلاق في دراسته للقانون نظير ما شاهده من مسلسلات التلفزيونية وأفلام سينمائية يدور محور موضوعها حول مشكلة قانونية ما، خصوصا تلك التي يقتبس سيناريو موضوعاتها من قصص حقيقية لجرائم جنائية ووقائع وقضايا قانونية ومحاكمات قضائية كانت محل حضور في الشارع الأميركي ونقاش على منصاته الإعلامية، مثل المحاكمات السياسية وقصص عصابات المافيا وإخفاق العدالة وإفلاس الشركات الكبيرة والتلاعب بالأسواق المالية وتأثير المحاماة في سير إجراءات العدالة ونحو ذلك، وهنا لا بد لي من تسجيل شهادة تقدير لما كان ومازال يقوم به معهد الإدارة العامة من سبق في تقنيات التدريب التي ترمي إلى الربط بين الجانب التعليمي والواقع العملي عبر تمكين الأستاذة لديه وأنا كنت أحدهم من الاستعانة بعرض مشاهد تمثيلية قصيرة صممت وصورت لغرض عرضها على طلاب برامج الدراسات والتدريب القانونية من أجل توصيل الفكرة العلمية والنظرية القانونية في قالب تمثيلي بسيط، والتي بلا شك أثبتت فعاليتها نتيجة تنوع الوسيلة التعليمية وتجسيد الفكرة العلمية وتوصيلها في قالب تمثيلي وترفيهي في آن واحد.
ولهذا نقول إن القالب التمثيلي إجمالا له دور في جذب الانتباه وفي اختصار مسافة توصيل وتقبل الفكرة سريعا، وبالتالي تحقق خلق حالة الوعي بالحقوق وتشكل الثقافة القانونية لدى العامة، لأن التجسيد العملي وسيلة فعالة لبقاء الفكرة في الذاكرة لفترة أطول.
المصدر: جريدة الرياض