رجا ساير المطيري
لا يستفز المرء أكثر من الاستخفاف بصناعة السينما والتعامل معها باستهتار، ومن دون مراعاة لأصول الصنعة ولا لمعاييرها الإنتاجية والفنية الواضحة التي يدركها أي شخص يعي جدية هذه العملية الإبداعية. أقول هذا بعد علمي أن الممثلة ميساء مغربي تولت مهمة إخراج فيلم سعودي بتمويل سعودي وقصة سعودية من دون أن تمتلك أي تجربة سابقة في مجال الإخراج، وليس لها أي نجاحات سينمائية لا في التمثيل ولا في الإنتاج، فهل أصبحنا حقل تجارب للمتدربين؟ ووفق أي معيار اختارها المنتج لتتولى أصعب مهمة في عملية الإنتاج؟
في مجال التلفزيون العربي يمكن التغاضي عن مثل هذا النوع من التكليفات الغريبة؛ لأن صناعة التلفزيون في العالم العربي ذات طابع خاص ولا تكترث برغبة المشاهد، وقرار الإنتاج والاستمرار في الإنتاج هو بيد صاحب القناة. وهنا لعلنا نذكر تكليف الفنان عمر الديني بإخراج المسلسلات التلفزيونية على نحو مفاجئ وبلا مقدمات، وكيف أنه مازال يخرج دون أن يترك أي بصمة تُبرر تحوّله إلى مقعد المخرج. ومع ذلك فقد تمكن من الاستمرار؛ لأن المجال يسمح له بذلك، ولأن القناة المنتجة راضية عنه، أو أنها أساساً لا تلقي بالاً لمن ينفذ أعمالها. لكن صناعة السينما تختلف تماماً، فالكلمة الأولى والأخيرة فيها للجمهور، وهذا يقلل من قدرة المنتج على المغامرة والتجربة في أسماء لا تملك سجلاً جيداً من الإنجازات.
صناعة السينما تعني رأس مال كبيراً قد يخسره المنتج بسبب قرار واحد خاطئ. وفي حالة الفيلم السعودي «وجوه مُحرّمة» الذي تُخرجه ميساء مغربي هذه الأيام، فإن المغامرة كبيرة جداً، أولاً لأن المجال السينمائي جديد في المملكة، ولا يمكن التكهن بنوع الأفلام التي ستنجح في صالات السينما السعودية، وثانياً لأن ميساء ذاتها لم تكشف في أي يوم من الأيام عن أدنى اهتمام بالسينما، وهذا يجعل من فشل الفيلم نتيجة مؤكدة أو متوقعة بنسبة كبيرة على أقل تقدير. نعم قد نتفاجأ بمستوى غير متوقع من ميساء، وقد نكتشف فيها مخرجة مبدعة، لكن حتى نكتشف ذلك؛ هل سيتحمل المُنتج تكلفة رهانه على اسم إخراجي جديد؟ وكيف وافق على أن يكون رأس ماله ميداناً للتجربة؟.
المصدر: جريدة الرياض