محمد الرشيدي
في مقاله بصحيفة الواشنطن بوست “ما الذي يمكن للسعودية أن تتعلمه من بلاك بانثر”، حاول جمال خاشقجي ان “يُجهل” الواقع الصحفي السعودي وهو يستقبل أول فيلم سينمائي وصعوبة أن يوجد نقد بهذا البلد الذي انحرم من السينما لمدة قاربت الأربعة عقود، فتناول فيلم “بلاك بانثر” من رؤيته وعكسها على الواقع السياسي السعودي بإسقاطات معينة لا تخفى على متابعي توجهاته منذ فترة من الزمن!.
جمال خاشقجي هو نموذج من رؤساء التحرير الذين لم يكن يجرؤ على الخوض في الأمور الثقافية والفنية بصورة تتناسب مع تطور المجتمع السعودي واطلاعه المستمر على أحدث صرخات الفنون والأمور الخاصة بالحياة من منظار جمالي، كان والكثير من أمثاله محاربين للفنون ولم يكن يتنازل أن يتحدث عن فيلم سينمائي كما هو الحال حالياً وهو يشاهد التغير بالبلد، وركوبه هذه الموجة لكي يوصل صوته المبحوح بشتى الطرق، وافضلها الفنون وجمالياتها.
استغربت من خلال ردي عليه أنه فضل التواصل معي على الخاص، ليبين لي أنه إبان رئاسته للتحرير استعان بشابين للحديث عن الأفلام ودعمه لهما، وهذا الأمر يتناقض مع محاولته إيهام من يقرؤون له بالصحيفة الأميركية أن السينما بالمملكة لن تجد من يفهم رسالتها وتحليل الأفلام التي تتضمنها، كون المجتمع هناك مُغيب ولا يوجد فيه نقاد أو متذوقون للسينما يستطيعون فهم ما يشاهدونه.
خاشقجي والكثير ممن استغل التطورات والإصلاحات التي تحدث حالياً بمجتمعنا، حاولوا النظر لما هو موجود بصورة سلبية، الأفلام السعودية والنقاد السعوديون موجودون ولهم إسهاماتهم ودورهم الهام بهذا المجال، رغم منع السينما، لذا بالإمكان أن تتاح الفرصة له ولغيره لرؤية ما يمكن أن تتعلمه المملكة من “بلاك بانثر” وغيره من الأفلام العالمية، ومن منظور أكثر رحابةً وأوسع أفقاً عكس منظوره وغيره، وإذا كان كرئيس تحرير سابق غائباً عن واقع الصحافة الفنية بالسعودية وتطورها، فهذا الأمر مؤلم بالفعل، لأن ما يدعو له وينادي به حالياً، هو انعكاس لواقعه الشخصي والخاص، كما كان يستغل منصبه سابقاً.
الإسقاطات السياسية التي ربطها خاشقجي برؤيته للفيلم، ومحاولته غير المباشرة للتحذير من خطورة السينما وواقعها على المجتمع السعودي، هي رؤيه أحادية مثلها مثل من ربط السينما بالفساد والانحلال الاجتماعي لو حضرت لبلادنا.
عودة الحياة الطبيعية للسعودية وعودة السينما، ستشغل الكثيرين بالبحث عن السلبيات وتعظيمها، وستتيح لمحبي الحياة التمتع بما يشاهدونه ويتعلمون الكثير من الثقافات المتنوعة، وليس ما أراد نقله لنا خاشقجي بحسب أهوائه، محزن أن تكون هذه المقالة بالصورة التي ظهرت بها!.
المصدر: جريدة الرياض