سوليوود (تطوان)
اتفق المشاركون في مهرجان تطوان السينمائي على إمكانية تمثيل حياة أفضل وأجمل على ضفاف البحر الأبيض المتوسط. كان ذلك حلم المشاركين في افتتاح الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، يوم السبت 24 مارس الجاري، في شمال المغرب وجماله. مهرجان انطلق منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وبعد أكثر من ثلاثة عقود، لا يزال مصرا على الحلم، كما هو شأن السينما ورهانها الأبدي.
بحسب ما نشرت جريدة العرب رفع السينمائيون المتوسطيون الستار عن فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، في حفل افتتاح سينمائي استثنائي. حفل متوسطي أقيم مساء السبت الماضي، في الفضاء الأندلسي لمسرح سينما إسبانيول بتطوان، إحدى أجمل القاعات السينمائية في المملكة المغربية، وبحضور أعلام السينما المتوسطية.
هكذا، انطلق ربيع السينما المتوسطية في تطوان، بحضور نحو 150 ضيفا سينمائيا حل بمدينة تطوان، وبحضور عشاق الفن السابع في مدينة الحمامة البيضاء.
ليست كالكلمات
كانت الكلمات التي ألقيت في افتتاح المهرجان تلهج بنبرة مؤثرة، وهي ترثي لحال الوضع الإنساني في الفضاء العربي والمتوسطي. في مقابل ذلك، أصر المشاركون في حفل الافتتاح على مواصلة الحلم ومعانقة الأمل، انطلاقا من ان صناعة الأفلام هي صناعة أحلام أيضا.
وأعطى أحمد حسني، رئيس مؤسسة المهرجان انطلاقة فعاليات الدورة 24 من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، في المسرح الكبير لسينما إسبانيول بالمدينة. ومن جهته، وعد مدير المهرجان نور الدين بن ادريس حضور وضيوف المهرجان بـ«مفاجآت جميلة، وبلقاءات عصية على النسيان، وبلحظات انفعال نادرة»، مؤكدا أن السينما «لست منتوجا للاستهلاك السريع، وللترفيه، بل هي وسيلة للتربية. وهي تمثل أكثر القنوات فعالية لترويج قيم التمدن والحرية، واحترام الآخر».
وأشار المتحدث إلى أن مهرجان تطوان قد جاوز ثلاثة عقود في “خدمة سينما متوسطية حرة، تثقف وتربي وتدشن اشكالا من المقاومة في لحظة تاريخية اجتمعت عليها الحروب وفجائع الإرهاب ومختلف مظاهر التطرف”، وهو ما بات يحتم علينا التعامل مع السينما باعتبارها أداة بيداغوجية ومصدرا للمعرفة.
وباسم مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، شدد البرلماني محمد الملاحي على القيمة الثقافية والحضارية لمدينة تطوان. وهي «مدينة الفنانين والشعراء والمقاومين والمناضلين الشرفاء، التي تستحق هذا المهرجان. أن مجلس الجهة سيظل حريصا على «إقامة وإدامة التعاون الثقافي بين الجهات المتوسطية». ويرى الملاحي أنه لم يعد من واجبنا دعم هذا المهرجان فحسب، بل نعتبر أنفسنا معنيين بنجاحه وتألقه، وترسيخ مكانته ضمن أجندة المهرجانات الوطنية الدولية الكبرى، وتعميق دوره في النهوض بالسينما المغربية، وتحقيق نهضة سينمائية وطنية أصيلة، منفتحة على الثقافات والتجارب والضفاف السينمائية الكونية”.
للنساء فقط
اختارت الدورة الحالية من مهرجان تطوان تكريم النساء فقط. وبينما يجري تكريم الممثلة الإيطالية آنا بونايوطو والمصرية منة شلبي في حفل الاختتام، انطلق افتتاح المهرجان بتكريم الممثلة الإسبانية لويسا غافاسا والمملة المغربية منى فتو.
وبدت الممثلة الإسبانية متأثرة لحظة صعودها إلى منصة التكريم، الذي اعتبرته تتويجا آخر لمسارها الطويل “الشاق والممتع″ في شاشات السينما. غافاسا كشفت لعشاق السينما في تطوان قصة طريفة جمعتها بمدينة تطوان، حين قدم والداها في خمسينيات القرن الماضي، لقضاء شهر العسل في هذه المدينة المغربية المتوسطية. وقد حظيا يومها باستقبال من طرف باشا المدينة، الذي أهداهما أقراطا لمولودهما الجديدة. ولم يكن هذ المولود سوى لويسا غافاسا، التي تعود اليوم نجمة مكرمة فوق “بوديوم” المهرجان.
وعلى إيقاع الفلامنكو الأندلسي ورقصاته، علت الممثلة المغربية منى فتو منصة التكريم، وهي تقول: “لقد كبرت في هذا المهرجان، وحضرت الكثير من دوراته، واليوم أعود مكرمة ممتلئة بكل هذا الحب الذي يغمرني من قبل سكان مدينة تطوان وضيوف هذا المهرجان الكبير. واعتبرت منى فتو أن “هذا التكريم هو تشجيع لي، وهو اعتراف يدفعني إلى العمل أكثر، وبذل المزيد من العطاء في المجال الفني. وأحس بأنني قادرة على ذلك كلما طوقني مثل هذا الحب الغامر الذي يجعلني أكثر قوة”.
تحكيم عربي
إذا كانت الممثلات المتوسطيات قد انفردن بالتكريم في المهرجان، فإن السينمائيين العرب انفردوا برئاسة لجان التحكيم، وبعضوية ممثلات وممثلين ومخرجين ونقاد من مختلف الدول المتوسطية. وقال قيس الزبيدي، رئيس لجنة تحكيم الفيلم التسجيلي، إنه يسعد بأن يكون على موعد لمتابعة آخر وأحدث التجارب في السينما التسجيلية، التي تقدم اليوم أعمالا كبرى، باتت تسائل مسلماتنا حول السينما بشكل عام.
المخرج التونسي الناصر الخمير، رئيس لجنة تحكيم الفيلم الطويل، بدا متفائلا كعادته، وهو يأخذ الكلمة. الخمير أكد أن البقاء للسينما وللفن فوق ضفاف المتوسط، وان السينمائيين ينجحون في إمتاعنا بينما يفشل السياسيون في ذلك.
أما خليل الدامون، رئيس لجنة النقد، التي تحمل اسم الناقد المغربي الراحل مصطفى المسناوي، فتوقف عند علاقته بهذا المهرجان، باعتباره مدرسة للسينيفيليين المغاربة، منذ ثلاثة وثلاثين سنة. وهو يشبه هذا المهرجان بشاشة سينمائية عملاقة، ونافذة أطل منها المغاربة على السينما المتوسطية، والتقوا فيها بروادها. وستكون لجنة الفيلم الطويل ولجنة النقد على موعد مع 12 فيلما متوسطيا سيتم عرضها في سينما أبنيدا بتطوان، بينما ستواجه لجنة الفيلم التسجيلي ثمانية أعمال سينمائية جديدة تعرض في قاعة المعهد الفرنسي بالمدينة، ضمن البرنامج السينمائي والثقافي لهذا المهرجان.