سوليوود (الرياض)
هناك عدد من المخرجين السينمائيين يتطلعون للعرض في الخارج وتسويق أفلامهم هناك بعد وجود سوق سعودية في هذا المجال، سواء أماكن العرض أو تسويق الفيلم بعد عرضه.
وقال عدد منهم تقرير لـ (جريدة اليوم) إن المخرجين الشباب الذين بدأوا تجاربهم السينمائية نتيجة حبهم لهذا الفن الساحر ودون الاتكاء على تجارب سينمائية حقيقية، نظراً لعدم وجود معاهد أو مؤسسات ترعاهم، يرغبون في تقديم سينما حقيقية لبلدهم، لكن ذلك من وجهة نظر كثيرين لن يتأتى إلا بالتجريب، رغم قلة الإمكانات.
المخرج ممدوح سالم له تجربة واسعة في تنظيم فعاليات سينمائية في جدة والقاهرة أشار إلى أن السينما السعودية لا تزال في مرحلتها التأسيسية، ولم تصل لمرحلة النضج، إلا أن التجارب المتعددة للمخرجين والمهرجانات التي يسعى المخرجون للمشاركة فيها ستصل بهم إلى مرحلة متقدمة ولعل تحقيق بعض الجوائز للمخرجين السعوديين في مسابقة أفلام من الإمارات ومهرجان مسقط السينمائي تنبئ عن قدوم جيل سعودي سيقدم صناعة سينمائية خاصة ببصمة سعودية.
من جهته بدأ الفنان والمسرحي عاطف الغانم ناقما بشدة على الوضع السينمائي ويرى أن الكثير من السينمائيين يعملون بتخبط ودون أي دراية بعالم السينما وبتصنيفات الأفلام. وقال: أحب أن أدعي أنه لا يوجد سينما في السعودية، وإنما توجد تجارب تصويرية متواضعة جداً لدرجة أنها تسيء لانطلاقة السينما في السعودية.
كل ما رأيناه أو سمعنا به لا يعد إلا تجربة شخصية أشبه ما تكون بالفيديو المنزلي. لذا فأنا أستغرب من الأشخاص الذين يقومون بعمل أفلام يقولون عنها إنها سينمائية. ويصرون على تسميتها بالسينمائية دون أن يلموا بأدنى معرفة حول الأفلام السينمائية القصيرة.
وبعد أن أعطى تصنيفات للفيلم القصير وأنه لا يتعدى الثلاثين دقيقة، مشدداً على وجود معايير دقيقة للفيلم السينمائي قال: واقع هذه التجارب السعودية لا يمت بصلة لهذه المعايير على الأقل، فلا يتم التصوير بكاميرا سينمائية، ولا إضاءة سينمائية، فكل ما يتم عمله هو تجميع الفلم من خلال بعض البرامج غير الأصلية والتي قد تستخدم في عالم هوليوود.
أما عن تسويق الأفلام محليا فيقول ممدوح سالم: عندما انطلق مهرجان جده للعروض المرئية في صيف جدة 2006 م وذلك كأول جهة تتمكن من عرض أفلام بشكل رسمي بالمملكة بدأت عدد من الجهات الثقافية تتبعها بخطوات مماثلة من خلال احتضانها عرض الأفلام بدءا من نادي الشرقية الأدبي ومرورا بنادي جدة والرياض وأخيرا جمعية الثقافة والفنون بالرياض وبذلك فان مهرجان العروض المرئية كان الانطلاقة الأولى للسماح بعرض أفلام سعودية وخليجية وبذلك أصبح لدينا عدد من الجهات التي تفسح المجال بعرض الأفلام والتي تمكن المخرجين من عرض أفلامهم محليا ومن ثم المشاركة بالمهرجانات الدولية.
ويرى المخرج الشاب بدر الحمود أن الأمر واقعي جداً، وقال: لاحظت خلال مشاركتي بأحد المهرجانات بأن عدداً ليس بالقليل من المشاركين صنعوا أفلامهم خصيصاً للمشاركة بها في تلك المهرجانات ولعل أبرز أسباب ذلك تعود إلى أن المهرجانات هي المتنفس لأفلامهم.. ففرصة العروض الكبيرة والعامة في السعودية قليلة جدا .
ويرى الحمود أن هناك سبباً آخر هو الضعف العام لتسويق الأفلام السعودية. وقال: حتى لو تبنت بعضها شركات الإنتاج والتوزيع فإنك سترى توزيعا محدودا وضيقا لا يصل إلى جميع الجمهور السعودي.
واعتبر حمود : إن الأفلام السعودية في الغالب تحصل على التقدير والنقد الفني المفيد والبناء في المهرجانات أكثر مما تحصل عليه داخل المملكة.
وفيما إذا كان يعتقد أن السينما لدينا ناضجة بما فيه الكفاية لكي تشارك في الخارج؟ قال: (الأمر هذا فردي يختلف من مخرج لآخر .. لكن يكفينا فوز بعض الأفلام السعودية في مهرجانات خارجية مثل مسابقة أفلام من الإمارات) .. وأكد: (هذا يدل على أننا نمتلك مخرجين على مستوى عال من النضوج السينمائي) .
وأبدى عاطف الغانم استغرابه من تسمية الأفلام التي يضعها المخرجون على أفلامهم بين الأكشن والرعب وغيره، قائلاً: الكل يريد لتجربته أن تكون أول فيلم سينمائي سعودي، ومن ثم يضيف نوعية الفيلم. متسائلاً هل قرأ المؤلف أو المخرج ملامح كل نوع من هذه الأفلام، أم لمجرد أن تكون هناك مطاردة بالسيارة أصبح فيلم أكشن، أو لمجرد وجود مكياج مخيف على وجه أحد الممثلين أصبح الفلم مرعباً، إن المرعب في الأمر هو عدم الوعي والنضج لدى أغلب القائمين على هذه التجارب.
وصنف الغانم نوعية السينما المطروحة على المستوى العالمي وضرب بعض الأمثلة من أفلام الوسترن والخيال العلمي والفنتازيا والكوميديا وغيرها… إضافة إلى الفيلم التجريدي والسينما الجسدية والفيلم التسجيلي متسائلاً بعد هذا العرض: هل وصلنا لمرحلة من النضج بحيث إننا نستوعب هذه التصنيفات ونجيد التعامل معها؟
وهل عملنا حقاً نستحق كل العناء في ترجمته للغة الإنجليزية والمشاركة به في المهرجانات الخارجية، أم هي فقط من باب تسجيل حضور حتى وإن كان هذا الحضور يسيء لثقافة الفنان السعودي.
وأكد الغانم عدم وجود سينما سعودية حقيقية وقال: إنها تجارب تيليسينمائية بسيطة مناسبة للفيديو المنزلي، وإذا ما أردنا أن نبدأ بطرق علمية صحيحة يجب أن نقرأ ونتثقف وننفق بسخاء من أجل جودة المادة المصورة، ويجب أن نتواصل معرفياً مع طبيعة السينما. لكن بدر الحمود يرفض تهمة أن جميع المخرجين غير واعين بنوعية الأفلام، مفضلاً أن يصنفهم إلى فئتين قائلاً: (بعض المخرجين يمتلك هذا الوعي والأمانة السينمائية في إطلاق التصنيف الروائي لفيلمه) مستثنياً: ( والآخر لا يمتلك ذلك أو يحاول تجاهله لأسباب تسويقية فقط) .
أما ممدوح سالم فيرى أن المخرجين بحاجة إلى تعلم أساسيات الإخراج السينمائي كما أن الثقافة السينمائية لدى المخرجين السعوديين متفاوتة فتجد البعض لديه ثقافة سينمائية بدرجة عالية والبعض الآخر تجد ثقافته ركيكة وهو أمر طبيعي في ظل عدم وجود جهة سينمائية تحتضن هذه الكفاءات وتقنن عملها.
وطالب سالم المخرجين الشباب والسينمائيين بالاهتمام بثقافتهم السينمائية وقال: من المفترض أن يسعى لتطوير ثقافته وتغذيتها بشكل دائم، وأن يطور نفسه من خلال مكتبة مرئية تحتوي على مجموعة من الأفلام الهادفة ذات الفكرة والتكنيك العالي بعيدا عن الأفلام الهشة والتجارية كما أن وجود مكتبة مقروءة من كتب سينما ومناهج تعليمية فنية سيكون لها مردود جيد وكذلك المكتبة الالكترونية والتي تحتوي على مواقع تعليمية ومواقع تحميل الأفلام، كل ذلك كفيل برفع ثقافة المخرجين بالإضافة إلى حضور ورش عمل ومهرجانات سواء كمشارك أو كمشاهد ومناقشة تقنيات إخراج الأفلام مع عدد من النقاد والمخرجين سيفتح لديه آفاق إيجابية متعددة.
أما تثقيف الجمهور فهذا يتطلب تعاضد وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء من خلال توفير صفحة أسبوعية تغذي القارئ بثقافة سينمائية بسيطة وراقية وكذلك طرح برنامج تلفزيوني أو إذاعي يناقش ويطرح مجموعة من الأفلام الجيدة وبذلك ستنمو الثقافة السينمائية لدى الجمهور.
وتحدثت العنود العيدي عن تجربتها وهي مخرجة سعودية شابة 16 عاماً عاشت في أمريكا وتتحدث اللغة الإنجليزية وتعتبر نفسها من الهواة : تم الاعتراف بي أولا ثم وجهوا لي الدعوة فقبلتها بتشجيع من والدي. ومع ذلك لو توافرت مثل هذه الأمور في بلدي فسيشرفني كثيرا أن أحضرها.
وعن فيلمها الذي شاركت به في مهرجان أفلام من الإمارات قالت العنود: فيلمي كان باللغة الإنجليزية لأنه كان فيلما تسجيليا موجها للعالم الغربي بالدرجة الأولى. وقالت: بالنسبة للعرب فنحن نعرف ما يجري في الشرق الأوسط خصوصا مع إسرائيل ورغم كل شيء فنحن بالنسبة للغرب عرب إرهابيون ولكي أوضح وجهة نظري للأمريكان كان من اللازم أن يكون الفيلم بالإنجليزية.
وقالت العنود: أعتقد أن لدينا إمكانيات كبيرة فيما لو تمت لنا الرعاية والدعم من قبل وزارة الثقافة والإعلام وعلى الرغم من كوني مخرجة هاوية تمكنت من إيصال الرسالة وحظيت بالثناء من الغربيين وتم الاعتراف بها من قبل مهرجان أبوظبي حين قرأ عني السيد المخرج بسام الذوادي في الانترنت وطلب نسخة من فيلمي وهاتفني للمشاركة في مهرجان أبوظبي وقد قبلت دعوته بامتنان.
وتتمنى العنود أن تكون مشاركتها في السعودية حيث تقول: لو أن حدثا بمثل هذه القيمة يجري في بلدي فسأكون بكل تأكيد فخورة بالاسهام فيه. الفكرة هنا كانت تشجيع الشباب والشابات أمثالي من الهواة لمواصلة هوايتهم. وأعتقد أن الدعم الذي تلقيته من عائلتي ومن الذوادي قد منحني الدافع لأن استمر في هذا الحقل. وعن الوعي الذي يجب أن يدركه المخرج من نوعية فيلمه اكتفت العنود بالقول: أعتقد أن البروشور لا بد أن يعكس حقيقة وفحوى الفلم.