سوليوود (وكالات)
إنجازٌ رائعٌ حققّه فيلم الجمعية للمخرجة اللبنانية ريم صالح بعد أن أصبح رسميًا الفيلم العربي الوحيد المشارك في قسم البانوراما بمهرجان برلين السينمائي، أحد أهم وأعرق وأبرز مهرجانات السينما في العالم. وقد تأكّدت مشاركة الفيلم أمس بعد أن أعلن المهرجان عن القائمة النهائية للأفلام المشاركة في قسم البانوراما، ويضمّ حوالي 30 فيلمًا تم انتقائها بعنايةٍ بعد منافسةٍ شرسةٍ بين آلاف الأفلام التي تقدّمت للمهرجان.
وذكر موقع إمباير بالعربية أن الجمعية (عنوانه بالإنجليزية What Comes Around) من أوائل الأفلام الوثائقية العربيّة التي تسلّط الضوء على فكرة “الجمعية” والتي يلجأ إليها ملايين المصريين لتأمين لقمة العيش اليومية من خلال مشاركة جيرانهم في تكوين ما هو أشبه بالوديعة الجماعية والتي يشارك فيها أكثر من شخصٍ على أن يتناوبوا استلام المبالغ بشكلٍ شهري، فإذا شارك 10 أشخاصٍ ووضع كل منهم 100 جنيهٍ مصريٍّ، على سبيل المثال، فسيصبح إجماليٌّ المبلغ الذي سيتناوب المشاركون على استلامه هو 1000 جنيه، وهي وسيلةٌ مبتكرةٌ لجأ إليها المصريون لمواجهة غلاء الأسعار وضغوطات الحياة اليومية والأعباء الاقتصادية التي كبّلت حياتهم وجعلت أبسط طموحاتهم تبدو وكأنها شبحٌ يطاردهم ويؤرقهم لكنه يظل بعيد المنال، غير ملموس وأبعد ما يكون عن الواقع.
لا تتجوّل كاميرا الفيلم في مختلف الأحياء والحارات المصرية، بل اختارت مخرجته ريم صالح التركيز على منطقةٍ واحدةٍ فقط وهي روض الفرح، المعروفة بكونها إحدى أفقر المناطق السكنية في مصر، حيث يعاني سكّانها من صعوبة العثور على لقمة العيش ويسعون لتجنب تعريض أطفالهم لمصير الجوع، فتتحوّل عملية البحث عن الخبز واللحوم والفواكه إلى ما هو أشبه بالصراع اليومي الذي لا ينتهي، إلا أن “الجمعية” تساعد سكّان المنطقة على تجاوز هذه الصعوبات ولو بشكلٍ جزئي.
يميّز الفيلم – في إشارةٍ على جودته واختلافه – أنه من تمويلٍ عربيٍّ عالميٍّ مشترك، فهو مشروعٌ لبنانيٌّ مصريٌّ يونانيٌّ قطريٌّ سلوفيني، وسيشهد المهرجان العرض العالمي الأول لفيلم الجمعية بعد أن انتهى تصويره منذ عدة أشهر وبدأت عمليات المونتاج وما بعد الإنتاج بعد ذلك تجهيزًا لتقديمه لإدارة مهرجان برلين المعروفة بتأنيها وتدقيقها في اختيار الأفلام التي تعرضها.
لا يقتصر الفيلم على طابعٍ توثيقيٍّ جافٍّ، بل يرتكز في المقام الأول على تناولٍ إنسانيٍّ للأسباب والدوافع والطرق التي يتم تطبيق فيها أسلوب الجمعية، وهو هنا يختلف كثيراً عن بقية الأعمال الوثائقية العربية التي خرجت مؤخرًا لأنه يبتعد عن الخلفيات السياسية وقضايا الساعة التي تمتلئ بها نشرات الأخبار، وينحاز لقضيةٍ إنسانيةٍ يكمن عُمقها في بساطتها وتتجلّى أهميتها في تأثيرها على سكان الأحياء الذين تعتبر “الجمعية” بالنسبة لهم طوق نجاةٍ لحياةٍ أفضل ولو قليلًا.
يترّقب المهتمّون بالسينما العربية – من داخل وخارج العالم العربي – هذا الفيلم تحديداً خاصةً أنه باكورة أعمال ريم صالح صاحبة المشوار الطويل في إدارة وبرمجة المهرجانات العربيّة وخاصةً في منطقة الخليج، كما أنه ثمرة سنواتٍ طويلةٍ أمضتها ريم في التصوير داخل مصر ومعايشة فكرة “الجمعية” عن قُرب ومتابعة حكايات البسطاء الذين يعتبرونها بارقة أمل تضيء ولو لوهلةٍ حياتهم الصعبة التي – وبرغم أزماتها وتحدياتها – فإنها لا تخلو من الأمل والبسمة برغم ضيق الحال.