محمد الرشيدي
المجتمع السعودي يعيش حراكاً ثقافياً مختلفاً، القناعات السابقة اختلفت، قبل أيام كنت مع مسؤول في وكالة الأنباء السعودية، وكان يشرح لي وبحماسة فعاليات سينما الأطفال التي سيحتضنها مسرح مقر الوكالة ومن خلال عدد مميز من أحدث الأفلام، بالإضافة لفعاليات فنية متنوعة، وكذلك الحال في جدة، بالإضافة للتقارير المختلفة عن واقع المجتمع السعودي الجديد، حتى الزميل علي الحازمي تغيرت قناعاته وهو يتحدث لقناة الـ MBC عن انتهاء مسألة عدم ظهور صور النساء في الصحف الإلكترونية وأيضاً الأخبار الفنية!.
الكل تحدث عن هذه التغيرات الجذرية من ناحية اقتصادية، وتغافل الكثيرون عن الانعكاسات الثقافية والأدبية لعودة الحياة الطبيعية للمجتمع السعودي. تخيلوا أنه في مرحلة من المراحل كان هناك قرار طريف من التلفزيون السعودي قبل أكثر من 30 عام تقريباً، يتضمن أن أي إنتاج عربي أو مصري خصوصاً سيحظى بالشراء والزيادة المالية إذا شارك ممثل سعودي معهم، كانت المعايير طريفة، لم يحدد نوعية المشاركة هل هي أدوار رئيسة أم مجرد كومبارس عابر، ظهر لنا ممثلون دائمون، اتخذوا القاهرة مقراً لهم، يظهرون بأدوار الكومبارس، والأطرف أنه عند عرض هذه الأعمال في تلفزيونات أخرى غير السعودية، تحذف مشاركة السعودي، واستمر هذا الحال الطريف، حتى ولله الحمد توقف ولم نستفد منه مطلقاً.
حركة التأليف ستزدهر سعودياً، سنجد بطريقة غير مباشرة حراكاً فنياً مختلفاً، ستتطور الدراما، وسيتطور العمل الثقافي السعودي، ولكن دون دعم واضح لن يتم هذا الأمر، التلفزيون السعودي عليه مسؤولية عظيمة، حالياً الخطوط غير واضحة، انشغل الجميع بأخبار تخص رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون وأغلبها شخصية، ولم نجد خارطة الطريق لتغيير المشهد الثقافي السعودي بما يتناسب مع الواقع الجديد.
الأعمال الفنية تحتاج لدعم مالي لتنهض، البنوك لدينا موقفها ضعيف جداً في دعم الشباب السعودي ومشروعاتهم التجارية الطموحة، فما بالنا لو ارتبط الأمر بقروض مصرفية لدعم أفلام سينمائية كما هو معمول خارجياً، سيكون الأمر من تجربة بسيطة صعباً جداً ويحتاج لوقت طويل، رغم أن أكثر الأعمال الفنية مربحة بصورة كبيرة.
انشغلنا بعودة دور السينما، ولم نجد مبادرة مستقبلية لإيجاد سينما سعودية احترافية تكون لغة جديدة نخاطب بها العالم، الحفلات الغنائية المربحة والتي من الممكن أن تولد جيلاً فنياً جديداً، محتكرة للأسف من روتانا والأسماء لم تتغير منذ سنوات واختفت المواهب الجديدة، والحال كذلك مع الأعمال الروائية التي هي سند الأعمال الدرامية، لا زلنا نعيش على أطلال أشهر عمل روائي اشتهر في فترة ما، وأقصد به “بنات الرياض” مع تحفظي، نحتاج حالياً للإفاقة من الصدمة الثقافية التي نعيشها ونؤسس لعمل يتناسب مع مجتمعنا الجديد.
المصدر: جريدة الرياض