سوليوود «تونس»
تحتفي محافظة توزر جنوب غرب تونس على امتداد ستة أيام متتالية بالفن السابع، وذلك عبر مهرجانها الدولي للسينما الذي أشعل في السادس من ديسمبر الجاري شمعته الثانية، بمشاركة أكثر من 200 ضيف من تونس ومن 15 بلدا بين عرب وأفارقة وأجانب.
يشارك في الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم بتوزر، الذي انطلق في السادس من ديسمبر الجاري ويتواصل حتى الحادي عشر من الشهر نفسه، 37 فيلما من 15 دولة، منها 18 فيلما في المسابقة الرسمية تتنافس على جائزة “العقرب الذهبي” والتي توزّعت بين ثمانية أفلام في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة وخمسة أفلام في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة ومثلها في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة.
وتوزر، المدينة الحاضنة للمهرجان، ليست جديدة على عالم السينما، ففيها صوّر في سبعينات القرن الماضي الفيلم العالمي “حرب النجوم”، تحديدا في منطقة عنق الجمل، ولا يزال المكان يحافظ على ديكور تصوير الفيلم من صواريخ وبيوت صغيرة ذات قباب بيضاء تشبه الكوكب، كون الفيلم يندرج ضمن سينما الخيال العلمي، وهو المكان الذي تحوّل إلى مزار يؤمه السياح من مختلف أصقاع العالم.
عرض أوّل
يقدّم المهرجان في دورته الثانية 37 فيلما، منها 18 في المسابقة الرسمية، بأنواعها الثلاثة: الطويل والقصير والوثائقي، من بينها أفلام جديدة ستعرض لأول مرة في المهرجان، كما تقدّم التظاهرة أفلاما جديدة كانت قد عرضت في المهرجانات السينمائية الكبرى على غرار مهرجان كان ومهرجان قرطاج ومهرجان القاهرة. كما يتم عرض الفيلم الحدث المنتظر خروجه في قاعات العرض السينمائية بفرنسا في يناير القادم، وهو الفيلم الفرنسي الجزائري “دم نجس” للمخرج عبدالرؤوف الظافري والذي يروي جانبا من المقاومة الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي.
وضمن الأفلام الوثائقية، يحضر الفيلم الجديد للأفغاني أبوزار “كابول مدينة الريح”، الذي ينقل حياة الأفغان الصعبة قبل التفجيرات وأثناءها وبعدها، وكيف يجابهون خوفهم منها أثناء العمل والدراسة واللعب، وهو الفيلم الفائز بنجمة الجونة البرونزية في مهرجان الجونة السينمائي الأخير. وفي فئة الأفلام الروائية الطويلة يحضر الفيلم الحدث للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان “لا بدّ أن تكون الجنة” الذي حاز في مايو الماضي على جائزة الاتحاد الدولي للنقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي.
وتشارك 5 أفلام عن فئة الأفلام القصيرة من بينها الفيلم التونسي القصير “شارتار” للمخرج صبري بوزيد الذي ظفر بجائزة التانيت الفضي في أيام قرطاج السينمائية الثلاثين، علاوة على فيلم “نادي كرة القدم بنفطة” للمخرج إيف بيات الذي صوّر في ربوع مدينة نفطمحافظة توزر، وفيه يروي مخرجه عشق الأطفال لكرة القدم.
كما يعرض المهرجان من تونس الفيلم الروائي الطويل الأول لمهدي البرصاوي “بيك نعيش” وفيلم “فطوم” لمحمد علي النهدي.
ولا تقتصر فعاليات المهرجان على عرض الأفلام فحسب، حيث قال مديره، سامي مهني، في تصريح لـ“العرب”، “عملنا أيضا على تقديم ورشات تكوينية لفائدة الشباب في مجال السينما، حيث لاحظت ومنذ الدورة التأسيسية للمهرجان في العام الماضي، مدى شغف الشباب بالفن السابع، علاوة على كون تضاريس وواحات وجمال توزر جعلتهم دون أن يعلموا، سينمائيين بالفطرة، حتى أولئك الذين لم يتكوّنوا أكاديميا”.
ومن هناك قرّر القائمون على المهرجان إحداث ورشات تكوين سينمائية مختصة تحت إشراف المخرج التونسي العالمي عبداللطيف كشيش المتحصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان، وأخرى سيتولى الإشراف عليها المخرج التونسي عبدالحميد بوشناق وثالثة تحت إشراف جمعية المنتجين الفرنسيين لفائدة أكثر من 100 شاب أغلبهم ينتمون لمحافظة توزر.
ويضيف مهني “الشارع أيضا يحتفي بالسينما في هذه التظاهرة، من خلال ‘سينما البطاحي’ (سينما الساحات)، حيث سيبث المهرجان عددا من الأفلام في إطار الحق في سينما مجانية منفتحة لا تحتويها فقط القاعات المغلقة، كما سيكون للمدارس التي تقع بالقرب من الحدود الجزائرية بمدينتي حزوة وتمغزة نصيبها من السينما، حيث ينتقل إليها طيلة أيام المهرجان فريق من الممثلين التونسيين لعرض الأفلام ومناقشتها مع الناشئة”.
افتتاح مبهر
شهد حفل الافتتاح، مساء الجمعة، حضور نجمات تنافسن من خلال الفساتين وتسريحات الشعر على أجمل إطلالة يمكن أن تجود بها السجادة الحمراء، وهو سباق قبل السباق الرسمي للأفلام المتنافسة على جائزة “العقرب الذهبي”. أزياء مختلفة بين ما هو تقليدي وعصري، فقد حضرت الفساتين بمختلف ألوانها من الأحمر والأخضر إلى الأسود.
والطابع التقليدي لم يغب أيضا عن ملابس بعض النجمات اللّاتي ارتدين القفطان وما يطلق عليه بـ“الحولي” والكسوة التونسية ذات القطعتين مع إكسسوارات تقليدية كالتاج وعقد من حبات البخور “السخاب”. أما الرجال من النجوم فبعضهم ارتدى الجبة والبرنس ووضع على رأسه الشاشية التونسية الحمراء. وتواصل ما هو تقليدي باختيار خيمة لتقديم حفل الافتتاح وهي نفس القاعة التي تُعرض فيها الأفلام مع خيمتين جانبيتين.
وبرّر مدير المهرجان، سامي مهني، اختيار الخيمة بأنها تمثل ديكورا صحراويا بربريا يعكس تراث منطقة الجريد التونسي، وهو ما انسحب أيضا على جائزة المهرجان، العقرب الذهبي، كون العقرب من الكائنات الصحراوية، وقال “كنا متردّدين بين النخلة والجمل أو العقرب، ليقع اختيارنا في الأخير على العقرب”.
وداخل الخيمة تتالت كلمات النجوم من بينها كلمة الكولومبي ألخاندرو بوشلي التي عبّر فيها عن شديد إعجابه بالمهرجان، معربا عن توقه إلى إبرام توأمة تعاون بين المهرجان الدولي للسينما بتوزر وأحد مهرجانات السينما بكولومبيا.
وشدّد الممثل والمخرج التونسي محمد علي النهدي، في تصريح خصّ به “العرب”، على ضرورة تشجيع المهرجان والإيمان به، خاصة وأن محافظة توزر شهدت منذ سبعينات القرن الماضي تصوير العديد من الأفلام التونسية وحتى العالمية، مؤكدا على جدوى انفتاح المهرجانات السينمائية التونسية على المناطق الداخلية بعيدا عن مركزية العاصمة تونس.
وأفادت هندة حوالة، المديرة الفنية للمهرجان، أن الهيئة المديرة اختارت توزر لإقامة فعاليات النسخة الثانية من المهرجان الدولي للسينما لرغبتها في أن تصبح هذه المحافظة عاصمة السينما بالجنوب التونسي، وللعمل من أجل عودة تصوير الأفلام بها كما كان الأمر في الفترات السابقة.
وبدورها أشادت الممثلة التونسية ريم بن مسعود، بفكرة إنشاء مهرجان سينمائي دولي بالجنوب التونسي، تحديدا بمدينة توزر، بوابة الصحراء التونسية، وأنها سعيدة بأن يشاهد أبناء المحافظة المتعطشين السينما في مدينة كان لها دور ريادي في ترسيخ هذا الفن محليا وعالميا.
وعدّد الإعلامي التونسي مراد مزيود مزايا توزر، ووصفها بالديكور الطبيعي المفتوح في مختلف مناطقها كتمغزة والشبيكة وعنق الجمل، وهي مناطق يحبّذها المخرجون لعلمهم بنقاوة الفضاء، قائلا “السماء هنا نظيفة، خالية من التلوث، ممّا يضفي شفافية على الصورة ووضوحا على الصوت”، الأمر الذي يمكّن توزر من استعادة بريقها السينمائي العالمي، وهي التي كانت ولا تزال تستهوي المخرجين والمنتجين، فقد صوّر فيها أكثر من 110 أفلام عالمية كـ“حرب النجوم” و“المريض الإنكليزي” كما ورد في موقع العرب.