سوليوود «وكالات»
لا تصنع دورة الأوسكار هذا العام التاريخ بكسر أرقام الفائزين من السود والنساء بجوائزها فقط، ولكن هذه الدورة قد تكون بداية عصر جديد لصناعة الأفلام، فقد أدخل فيلم «روما» شبكة البث التدفقي «نتفليكس» بوابة السينما من أوسع أبوابها، بفوز الفيلم بثلاثة جوائز كبيرة، هي أفضل فيلم أجنبي وأفضل إخراج وأفضل تصوير سينمائي. اعتراف هوليوود بهذه الشبكة لم يكن سهلاً، وكان له اشتراطات لبتها «نتفليكس» حتى تستطيع الانضمام إلى الجمعية الأميركية للسينما «إم بي إيه إيه»، منها بُثّ «روما» في 900 صالة سينما في العالم، لتحقق المعايير التي تتيح لها المشاركة في المهرجانات السينمائية والأوسكار. فقد رفض مهرجان كان السينمائي الدولي عرض أفلام الشبكة في مسابقات المهرجان المختلفة، نظراً لعدم عرض هذه الأفلام بدور العرض الفرنسية أولاً، وهو ما يخالف قواعد المهرجان، فعلى أي شركة منتجة لفيلم عرضه تجارياً أولاً قبل ترشحه بمسابقات المهرجان، وهو ما رأته «نتفليكس» وقتها أمراً غير مقبول، وقامت بسحب أفلامها من المهرجان، وذلك كما ورد في صحيفة القبس.
ولكن الأمر اختلف مع هوليوود، ومع ذلك لا يعد ما بذلته الشبكة للامتثال لقواعد قطاع السينما التقليدي والمشاركة في المهرجانات، «تعديلا» كبيرا على نموذجها الاقتصادي، بل انها كانت أكثر حرصا على الالتزام بعرض أفلامها على منصتها، وهو شكل بثها الأساسي، أكثر من عرضها في دور السينما.
فبعد عرض فيلم «روما» ثلاثة أسابيع في الصالات، قامت بعرضه على شبكتها، ولم تلتزم بفترة التسعين يوما المتعارف عليها في قطاع عرض السينما قبل عرضه خارج السينمات.
إقصاء المنافسين
كان هناك قلق وجدل أثناء ترشيح الفيلم للأوسكار، في أوساط أعضاء الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها، من أن التصويت لمصلحة «روما» يصبّ في مصلحة «نتفليكس» ونموذجها، الذي يهدد صناعة الأفلام التقليدية، فهي وكما يرى المتخصصون لا تريد الالتحاق بشركات السينما، وإنما بقطاع «الاشتراكات»، وما تضخه من أموال لإنتاج الأفلام يجعل الأمر صعبا على شركات الإنتاج التقليدية، ويزيد الأسعار ويهدد بإقصاء المنافسين خارجا، فمن المتوقع أن تنفق نتفليكس هذا العام 15 مليار دولار على الإنتاج، وهو أكثر مما تنفقه كل استوديوهات هوليوود، إضافة لاستعانتها بمخرجين كبار، من أمثال كوارون وسكورسيزي وسودربرغ والأخوين كوين.
مخاوف في هوليوود
وقد وصل عدد متابعي شبكة «نتفليكس» إلى 104 ملايين متابع حول العالم، وبعد أن بدأت من شركة بيع وتأجير أقراص الأفلام عبر البريد، تحولت إلى امبراطورية كبيرة لإنتاج المحتوى الخاص بها من المسلسلات وبعدها الأفلام، وبلغ ما أنتجته حتى الآن خمسين بالمئة مما تبثه، وتسعى الشبكة إلى أن يكون لديها المحتوى الخاص بها، الذي يحمي بثها من المنافسة ومن محاربة شركات الإنتاج الأخرى لها، بمنع بث أعمالهم على شبكتها. وقد أثارت شبكة نتفليكس مخاوف حقيقية لدى منتجي هوليوود، من اختفاء السينما التقليدية وصالات العرض في المستقبل، مع ثورة البث الالكتروني للأفلام، وإحضارها إلى صالة المنزل عبر تكنولوجيا الشاشات الرقمية. وبينما تدخل هوليوود «نتفليكس» إلى عالمها، يخشى البعض أن تخرج الأخيرة صناعة السينما التقليدية من اللعبة.