سوليوود ( السعودية )
كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يتطلع للاستحواذ على حصة في شركة ليجندري إنترتينمنت السينمائية الأميركية، التي أنتجت أفلاما مثل عالم الديناصورات وبين النجوم (إنترستلر) كما ذكر موقع العرب.
ومن شأن إبرام صفقة قد تصل قيمتها إلى 700 مليون دولار بين صندوق السعودي وليجندري أن يختبر مدى شهية هوليوود للاستثمارات السعودية.
ويأتي هذا التحول نحو صناعة السينما ضمن مساعي الرياض لإصلاح الاقتصاد عبر تقليل النفقات الحكومية وتشجيع القطاع الخاص على الدخول في هذه المغامرة لزيادة الكفاءة ورفع الإنتاجية بما يتلاءم مع رؤية 2030 لتنويع مصادر الدخل.
ورغم ترجيح البعض بأن تواجه الصفقة معارضة من بعض المديرين التنفيذيين في ليجندري، والذين يساورهم القلق من تأثير الاستثمار السعودي على العلامة التجارية للأستوديو وقدرته على جذب أفضل المواهب، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن هناك عزيمة بين الطرفين للتعاون في هذا المضمار.
وستكون مثل تلك الانتكاسة أحدث إشارة على تداعيات مقتل خاشقجي وكيف تضغط على قدرة المملكة، أكبر بلد مصدّر للنفط في العالم، لتنويع استثماراتها في الخارج، بحسب المصادر.
ورغم أن المصادر مطلعة قالت إن شركة إنديفور الأميركية أصبحت على وشك إلغاء استثمار بقيمة 400 مليون دولار من صندوق الاستثمارات العامة في أعقاب الضجيج.
حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بسبب القلق من تضرر أنشطتها، لكنها أكدت أن ليجندري تسير في الاتجاه المعاكس.
وأكدت المصادر أن الصندوق السعودي يتطلع لاستثمار 500 مليون إلى 700 مليون دولار في ليجندري ويجري محادثات لتعيين مستشار مالي لمساعدته في الصفقة. وقالت مصادر مطلعة على استراتيجية ليجندري، إن الشركة لم تجر أي محادثات رسمية مع صندوق الاستثمارات العامة.
ووفقا للمصادر، فإن صندوق الاستثمارات العامة يعتقد أن داليان واندا غروب الصينية صاحبة حصة الأغلبية في ليجندري ستكون منفتحة على إبرام صفقة لأنها تواجه ضغوطا من بكين للتخارج من أصول في الخارج لتتمكن من تقليص ديونها.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها لأن المسألة سرّية، إن خطط صندوق الاستثمارات العامة مازالت في مراحل مبكرة، ولا يوجد ما يضمن أن يمضي الصندوق فيها قدما ويقدم عرضا رسميا للاستحواذ على حصة في ليجندري. وامتنع صندوق الاستثمارات العامة وليجندري عن التعليق. ولم تستجب واندا وإنديفور لطلبات للتعقيب.
ودفعت واندا، التي يقودها الملياردير وانغ جيانلين، 3.5 مليار دولار في مطلع عام 2016 مقابل حصتها في ليجندري، التي أنتجت أيضا فيلمي حافة الهادي (باسيفيك ريم) والسور العظيم (ذا غريت وول)، ولها أيضا حصة في نادي أتلتيكو مدريد الإسباني لكرة القدم وتملك مشروعات عقارات فاخرة في سيدني ولندن.
ولكن واندا تركز الآن على أنشطتها المحلية الأساسية، وبصفة خاصة ذراعها للعقارات التجارية، ووحدتها المالية، وواندا سينما لاين كورب أكبر مشغل لدور العرض السينمائي في الصين.
ويأتي انفتاح الصندوق على هوليوود، عاصمة صناعة الأفلام في العالم، مع سعي الرياض لفتح أبوابها أمام الأفلام الأجنبية في إطار إصلاحات اقتصادية واجتماعية طموحة يقودها الأمير محمد بن سلمان.
وفي أعقاب رفع الحظر عن دور السينما العام الماضي، وقّع صندوق السعودي صفقات مع شركات مشغلة لدور السينما مثل أي.أم.سي إنترتينمنت هولدنغز، ومن بين مستثمريها واندا، لبناء دور عرض سينمائي في السعودية. وقد زار السعودية عدد من نجوم هوليوود في رحلات ترويجية، ومن بينهم جون ترافولتا وجايسون موموا.
وكان لدى السعودية بعض دور العرض السينمائي في السبعينات، لكن رجال الدين من ذوي النفوذ القوي أغلقوها، في انعكاس لتنامي نفوذ الإسلاميين في المنطقة في ذلك الوقت.
ورغم ذلك، ظل السعوديون يتابعون بشغف وسائل الإعلام والثقافة الغربية. وفي ظل حظر دور السينما، كانوا يشاهدون أحدث الأفلام والمسلسلات التلفزيونية لهوليوود على نطاق واسع داخل البلاد.
ولخدمة سكان السعودية الذين يزيد عددهم عن 32 مليون نسمة، ومعظمهم تحت سن الثلاثين، تريد الرياض بناء نحو 350 دار عرض سينمائي بحلول 2030. كما تأمل في أن يؤمن القطاع مداخيل تقدر بنحو 24 مليار دولار سنويا، وأن يوفر 30 ألف فرصة عمل مباشرة و130 ألف أخرى غير مباشرة.
ويقول اقتصاديون إنه في حال تمت الاتفاقية مع ليجندري فإنها ستدعم أحد أهداف رؤية 2030 في زيادة إنفاق الأسر السعودية على الأنشطة الثقافية والترفيهية من 2.9 بالمئة إلى 6 بالمئة بحلول نهاية العقد المقبل.
وينفق السعوديون المليارات من الدولارات سنويا على مشاهدة الأفلام وزيارة مراكز الترفيه والمواقع السياحية في دول ومناطق مجاورة كإمارة دبي. ويمثل قرار إعادة إحياء قطاع السينما تحولا اجتماعيا كبيرا في السعودية التي تروج منذ أشهر لقطاع الترفيه وهو حجر الأساس في الخطة الاقتصادية-الاجتماعية الإصلاحية.